سورة يس - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يس)


        


{أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23)}
{أَءتَّخِذُ مِن دُونِهِ ءالِهَةً} إنكار ونفي لاتخاذ جنس الآلهة على الإطلاق وفيه من تحميق من يعبد الأصنام ما فيه.
وقوله تعالى: {إِن يُرِدْنِ الرحمن بِضُرّ لاَّ تُغْنِ عَنّى شفاعتهم شَيْئًا} استئناف سيق لتعليل النفي المذكور، وجعله صفة لآلهة كما ذهب إليه البعض را يوهم أن هناك آلهة ليست كذلك، ومعنى {لاَ تُغْنِى} إلخ لا تنفعني شيئًا من النفع، وهو إما على حد.
لا ترى الضب بها ينجحر ***
أي لا شفاعة لهم حتى تنفعني، وإما على فرض وقوع الشفاعة أي لا تغني عن شفاعتهم لو وقعت شيئًا وَلاَ يُنْقذُون يخلصون من ذلك الضر بالنصر والمظاهرة، وهو ترق من الأدنى إلى الأعلى بدأ أولًا بنفي الجاه وذكر ثانيًا انتفاء القدرة وعبر عنه بانتفاء الإنقاذ لأنه نتيجته، وفتح ياء المتكلم في {يردني} طلحة السمان على ما قال ابن عطية، وقال ابن خالويه: طلحة بن مصرف. وعيسى الهمداني. وأبو جعفر، ورويت عن نافع. وعاصم. وأبي عمرو؛ وقال الزمخشري: وقرئ {ءانٍ يُرِدْنِ الرحمن بِضُرّ} عنى إن يوردني ضرًا أي يجعلني موردًا للضر اه، قال أبو حيان: كأنه والله تعالى أعلم رأي في كتب القراءات {يردني} بفتح الياء فتوهم أنها ياء المضارعة فجعل الفعل متعديًا بالياء المعدية كالهمزة فلذلك أدخل عليه همزة التعدية ونصب به اثنين، والذي في كتب الشواذ أنها ياء الإضافة المحذوفة خطأ ونطقًا لالتقاء الساكنين، قال في كتابه ابن خالويه: بفتح الياء ياء الإضافة، وقال في اللوامح: {ءانٍ مُّقْتَدِرِ الرحمن} بالفتح وهو أصل الياء البصرية أي المثبتة بالخط الذي يرى بالبصر لكن هذه محذوفة اه كلامه، وحسن الظن بالزمخشري يقتضي خلاف ما ذكره.


{إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24)}
{إِنّى إِذًا} أي إذا اتخذت من دونه آلهة {لَفِى ضلال مُّبِينٍ} فإن إشراك ما يصنع وليس من شأنه النفع ولا دفع الضر بالخالق المقتدر الذي لا قادر غيره ولا خير إلا خيره ضلال وخطأ بين لا يخفى على من له أدنى تمييز.


{إِنِّي آَمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25)}
{إِنّى ءامَنتُ بِرَبّكُمْ} الظاهر أن الخطاب لقومه شافههم بذلك وصدع بالحق إظهارًا للتصلب في الدين وعدم المبالاة بما يصدر منهم، والجملة خبرية لفظًا ومعنى، والتأكيد قيل إنهم لم يعلموا من كلامه أنه آمن بل ترددوا في ذلك لما سمعوا منه ما سمعوا.
وإضافة الرب إلى ضميرهم لتحقيق الحق والتنبيه على بطلان ما هم عليه من اتخاذ الأصنام أربابًا أي إني آمنت بربكم الذي خلقكم {فاسمعون} أي فاسمعوا قولي فإني لا أبالي بما يكون منكم على ذلك، وقيل: مراده دعوتهم إلى الخير الذي اختاره لنفسه، وقيل لم يرد بهذا الكلام إلا أن يغضبهم ويشغلهم عن الرسل بنفسه لما رآهم لا ينجع فيهم الوعظ وقد عزموا على الإيقاع بهم وليس بشيء، وقدر بعضهم المضاف المحذوف عامًا وفسر السماع بالقبول كما في سمع الله تعالى لمن حمده أي فاسمعوا جميع ما قلته واقبلوه وهو مما يسمع.
وجعل الخطاب للقوم في الجملتين هو المروى عن ابن عباس. وكعب. ووهب. وأخرج الحاكم عن ابن مسعود أنه قال: لما قال صاحب يس {قَالَ ياقوم اتبعوا المرسلين} [يس: 20] خنقوه ليموت فالتفت إلى الأنبياء فقال: {إِنّى ءامَنتُ بِرَبّكُمْ فاسمعون} أي فاشهدوا فالخطاب فيهما للرسل بطريق التلوين، وأكد الخبر إظهارًا لصدوره عنه بكمال الرغبة والنشاط، وأضاف الرب إلى ضميرهم روما لزيادة التقرير وإظهارًا للاختصاص والاقتداء بهم كأنه قال: بربكم الذي أرسلكم أو الذي تدعوننا إلى الإيمان به، وطلب السماع منهم ليشهدوا له بالإيمان عند الله عز وجل كما يشير إليه كلام ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، وقيل الخطاب الأول لقومه والثاني للرسل خاطبهم على جهة الاستشهاد بهم والاستحفاظ للأمر عندهم، وقيل الخطابان للناس جميعًا، وروي عن عاصم أنه قرأ {فاسمعون} بفتح النون، قال أبو حاتم: هذا خطأ لا يجوز لأنه أمر فإما أن تحذف كما حذفت نون الإعراب ويقال فاسمعوا وإما أن تبقى وتكسر؛ ومن الناس من وجهه بأن الأصل فاسمعونا أي فاسمعوا كلامنا أي كلامي وكلامهم لتشهدوا بما كان مني ومنهم.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11